جلال بكور. 8 يونيو 2019 . العربي الجديد
من حارس مرمى أشهر أندية سورية وأعرقها إلى أبرز منشد وأحد أكبر رموز الثورة السورية ضد النظام، حياة عاشها الشاب عبد الباسط الساروت، انتهت، اليوم السبت، بعد إصابة خطيرة تعرّض لها في المعارك على جبهات ريف حماة الشمالي الغربي، المكان الذي اختاره أخيراً للبقاء بعد خروجه مع قوافل المهجّرين من مدينة حمص وريفها.
ينحدر عبد الباسط الساروت من عائلة مهاجرة من الجولان السوري المحتل، وفق مصادر مقربة منه. وُلد في مدينة حمص عام 1992، وعاش فيها إلى أن بدأت الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، في مارس/آذار عام 2011.
رحمك الله يا اخي اسال الله ان يجمعني بك في الجنة كما جمعنا في الدنيا
— ابو الهدى الحمصي (@aboalhodaalhoms) 9 juin 2019
سنمضي على دربك في سبيل الله نمضي #الساروت #سوريا #ادلب pic.twitter.com/cVya2CNSeB
اشتهر الساروت قبل الثورة ببراعته في حراسة مرمى شباب نادي « الكرامة » لكرة القدم ومنتخب سورية للناشئين، واشتهر في الوقت ذاته بموهبة الإنشاد والغناء.
بدأت الثورة ضد النظام في عموم سورية وبلغت أوجها في مدينة حمص، التي يطلق عليها السوريون « عاصمة الثورة »، وكان الساروت يقود التظاهرات في أحياء الخالدية والبياضة وأحياء أخرى في المدينة، وبات المنشد الأبرز من خلال الأغاني الثورية التي رددها وتناقلها السوريون على وسائل الإعلام.
من أبرز أناشيده في الثورة « جنة جنة يا وطنا »، ولُقّب على إثرها بـ »بلبل الثورة »، كما لُقب بـ »حارس الثورة » تيمناً ببراعته الرياضية في حراسة المرمى.
في عام 2013 أُنتج فيلم « العودة إلى حمص » الذي يروي جانباً من حياة الساروت، وركز الفيلم على شخصية الساروت وبروزه في قيادة الحراك السلمي ضد النظام السوري ووصوله إلى حمل السلاح في مدينة حمص.
الساروت تنقّل بين أحياء مدينة حمص هرباً من ملاحقة النظام له، وبقي في أحياء حمص القديمة حين اشتد الحصار، ليخرج في مايو/أيار عام 2014 مع كوكبة من الثوار والمدنيين في عملية تهجير كانت الأولى من نوعها في سورية برعاية الأمم المتحدة، بعد حصار وتجويع استمر عامين.
أثناء حصار مدينة حمص القديمة تحول الساروت إلى قائد عسكري وشكّل كتيبة « شهداء البياضة ».
خلال المعارك، فقد أربعة من إخوته وعدداً من أقاربه، واستمر في العمل المسلح بعد التهجير ووصوله إلى ريف حمص الشمالي.
في بداية عام 2015 شاعت أنباء عن مبايعة الساروت لتنظيم « داعش »، ووقعت على إثرها اشتباكات بين كتيبته وفصائل المعارضة الأخرى، أسفرت عن قتلى وجرحى، وانتهت المعارك بمغادرة الساروت حمص متوجها إلى تركيا، ومنها عاد لاحقاً إلى ريف حماة الشمالي لينضوي في صفوف فصيل « جيش العزة » الذي يعتبر من الفصائل الرافضة للتفاوض مع النظام وحلفائه.
عُرف الساروت بإقدامه وشجاعته وعدم خوفه من الموت، وذلك أدى إلى إصابته بإصابات خطيرة عدة مرات، معظمها كانت في قدمه وبطنه، ودائماً ما كان يطالب باستمرار القتال ضد النظام وفتح الجبهات وعدم الجلوس، ودائما ما يكرر عبارة « راجعين يا حمص ».
مصادر مقربة من الساروت تحدثت لـ »العربي الجديد » عن « الساروت الطفل الرجل، الذي يبتسم دائماً للصغير والكبير، وهو ما كان السبب وراء محبة السوريين له، على الرغم من الأنباء التي صدرت حول مبايعته لداعش ».
وفق المصادر، كان الساروت يتكلم بلهجة « بدوية » وأحياناً يتكلم باللهجة الحمصية، وكان يفتخر بعروبته، ودائماً ما كان يردد « الثورة لكل السوريين وليست لحمص فقط »، ويدعو إلى القتال ضد النظام في كل مكان من سورية، ويدعو الفصائل إلى الوحدة وعدم التفرقة.
وتقول المصادر إن الساروت فضّل، أخيراً، أن يكون جندياً وقائداً لمجموعة في جبهات القتال تحت راية فصيل « جيش العزة » على البقاء في تركيا.
ومع احتدام المعارك، أخيراً، في ريف حماة الشمالي، تلقى الساروت إصابة خطيرة في بطنه وساقه، خلال محاولة إسعاف مصابين من قصف النظام، نقل على إثرها، الخميس الماضي، إلى تركيا للعلاج، إلى أن فارق الحياة، صباح اليوم السبت.
أنشد الساروت قبل مفارقته الحياة بأسبوع أغنية بثت على تلفزيون سورية، تحت عنوان « سورية ظلي واقفة رغم الجروح النازفة، لا بد يلفي العيد ».