الجزائر الجديدة 37. 30 جوان 2019
ستعمل الجزائر الجديدة على الفصل بين الذاكرة التاريخية والدعاية السياسية، بل وسيقوم المجتمع المفتوح ببناء سلطات مضادة تحاصر وتواجه كل من يُنتج مثل هذه الممارسات، لأن الذاكرة التاريخية ملك للأمة.. كل الأمة، ولا يجوز لأية فئة أو نخبة أو حزب أو جماعة أو شبكة أو زمرة أو رئيس أو وزير أو أستاذ… أو أي كان، أن يستخدمها في استراتيجيات التسويق أو التخويف أو التضليل أو التشكيك أو لإعلان الولاء أو « الشيتة » والتزلف لفلان أو علان.
تحرير الذاكرة التاريخية من الاستغلال السياسوي بمختلف تمظهراته، مسألة أساسية، لأن الاستغلال السياسوي شوه التاريخ، وفكك الذاكرة، بعدما فُرضت أدلجة التاريخ وتم تلطيخه وتشويهه وتلويثه بصناعة الكذب والتضليل.
تحرير التاريخ من الاستغلال السياسوي من قبل الحكومة والسلطة، يبدأ في الجزائر الجديدة بإلغاء وزارة المجاهدين، الوزارة التي تحولت في السنوات الماضية إلى حقيبة يتولاها كل من هب ودب من وجوه حزبي الأرندي والأفالان، والكثير منهم علاقتهم بالثورة تشبه علاقة من آمنوا بعد الفتح بثقافة المغانم والسبايا، حيث تم تحويل الوزارة – عبر بيروقراطيتها المعقدة على مستوى مختلف الولايات – إلى فرصة لتعيين الأحباب والأصدقاء ورفقاء السوء في المديريات والمتاحف والمتنزهات ومراكز الراحة… وغيرها من الهياكل التي تتصارع الشبكات والزمر على تنصيب فلان وعلان بها، في إطار استراتيجية تدعيم المواقع بتوزيع الريوع والمنافع.
هذه الوزارة كثيرا ما عملت على صناعة صورة مميزة لشخص الرئيس و علاقته بالثورة، فهي التي أمرت أحد المدراء السابقين لمركز الدراسات التاريخية لتنظيم ملتقيات عديدة لصناعة بطولات وهمية لعبد القادر المالي، كما أُمرت في السابق بصناعة بطولات لأشخاص آخرين في إطار ممارسة التضليل واستخدام الذاكرة التاريخية.
إخراج المشاكل الاجتماعية والصحية للمجاهدين وأرامل الشهداء من التسيير السياسوي للوزارة مسألة مركزية، لأن التسيير السياسوي شوه الثورة والمجاهدين وأبناء المجاهدين وأبناء وأرامل الشهداء… لأن الفساد الذي انتشر في هذا القطاع الوزاري، هو الذي أنتج تنظيمات جمعوية تتحدث باسمهم وتستفيد قياداتها من الريع ومن نصيبها في الفساد والإفساد، وهي التنظيمات التي كانت تستغل الثورة والذاكرة لتساند و تهلل وتطبل لكل الرؤساء ولكل الشبكات، بل واستخدمت لشتم وتشويه رموز تاريخية معارضة على مر السنوات.
باسترجاع ذاكرتها وتحريرها من أي استغلال وتشويه وتضليل، تسترجع الأمة حقها في الاحتفال الشعبي بالأعياد الوطنية، والتي قد تبدأ الجمعة القادم الذي سيعرف أكبر احتفال شعبي بعيد الاستقلال في حلة استرجاع الاستقلال المصادر من قبل من تاجروا بالثورة وباعوها بالثروة، والأمة الجزائرية اليوم تخرج بالملايين من أجل الدفاع عن شرف الثورة ودماء الشهداء وذاكرتهم لبناء الدولة الحرة والسيدة والمستقلة، دولة العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والمجتمع المفتوح.
الجزائر في 30 جوان 2019
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة