septembre 9, 2020
14 mins read

رسالة الأستاذ مصطفى بوشاشي إلى رئيس الدولة، يعبر فيها عن رفضه لمناقشة مسودّة تعديل الدستور .

رسالة الأستاذ مصطفى بوشاشي إلى رئيس الدولة، يعبر فيها عن رفضه لمناقشة مسودّة تعديل الدستور

السيد الرئيس/ عبد المجيد تبون
الموضوع: مسودة تعديل الدستور

سيادة الرئيس

أشكركم على دعوتكم الكريمة للمشاركة في إثراء المشروع التمهيدي لتعديل الدستور الذي تلقيت نسخة منه بتاريخ 21 ماي 2020. أريد أن أقدم تحفظات، وألفت نظركم إلى ما يلي:

أولا: في الشكل

1- قد نتفق، السيد الرئيس ، بأن تجربتنا في وضع الدساتير وتعديلها، كانت دائما بمبادرة من النظام أو الرؤساء الذين هم واجهة النظام و كانت تراعي دائما غاية أساسية وهي استمرار النظام، وقد توافقني الرأي بأن هذه الطريقة غير ديمقراطية و أن التأسيس لجزائر ديمقراطية يستوجب أن يوضع الدستور من قبل الشعب الجزائري من خلال هيئة منتخبة بغض النظر عن التسمية.

2- إن حكومات العالم مهتمة بالتصدي لوباء الكورونا و تضع إمكانياتها الاقتصادية والمالية لمواجهةهذا الوباء و تؤجل كل القضايا غير المستعجلة. إن طرحكم فكرة مناقشة وإثراء المسودة غير مناسب وغير ملائم بالنظر إلى ظرف الأزمة الصحية والحجر الصحي. لا يمكن أن نضمن نقاشا واسعا ووجاهيا للوثيقة يشارك فيه جميع الجزائريين، من أحزاب ومجتمع مدني ونشطاء وشباب مثقفين وجامعيين.

3- أتفهم جيدا أنه بمناسبة حملتكم الانتخابية وعدتم بتعديل الدستور ووضع دستور يلبي تطلعات الشعب الجزائري إلى الديمقراطية والحرية. كنت أعتقد أنكم ستلجؤون إلى عقد ندوة وطنية تشارك فيها كل الحساسيات والأطياف السياسية والمجتمع المدني، تعمل على وضع وثيقة توافقية ثم تقوم اللجنة التقنية بصياغة مخرجات الندوة، و لكن الذي حدث هو أنكم شكلتم لجنة لصياغة رغبات و توجهات النظام لإعطاء انطباع بأن لجنة الخبراء هي التي وضعت المسودة.

ثانيا: في الموضوع

سيادة الرئيس

أصدقكم القول بأنني تفاجأت من محتوى المسودة و التي جاءت في نهاية المطاف تؤسس لحكم فردي تجعل منصب رئيس الجمهورية إمبراطور يتدخل في عمل كل السلطات من تشريعية و قضائية ناهيك عن أجهزة الرقابة التي يتحكم فيها من خلال التعيينات وفوق ذلك هو غير مسؤول لا سياسيا ولا قضائيا.

إن المسودة من ناحية الموضوع لا تبرز نظاما محددا، لا برلمانيا ولا رئاسيا ولا شبه رئاسي بل هو مناف، بالشكل الذي ورد في الوثيقة، لكل المبادئ التي تتضمنها الدساتير التي تؤسس للديمقراطية.

لا شك أن اللجنة التي قامت بالصياغة نقلت رغباتكم أو رغبة النظام لأنها لم تستمع للطبقة السياسية كما تجاهلت رغبة الشعب الجزائري في التغيير و الذهاب إلى ديمقراطية حقيقية.

لا أعتقد أنه بهذا المحتوى المقترح للدستور، ستتمكنون من التأسيس لجزائر جديدة، جزائر الديمقراطية والحرية التي خرج من أجلها الجزائريون يوم 22 فبراير 2019.

كنت وما زلت أتمنى من كل قلبي أنكم ستستمعون إلى صوت الشعب وتتحلون بالحكمة وتنفتحون على طموحات الشباب وتكون البداية لوضع دستور توافقي تطغى عليه ملامح الديمقراطية والحرية، فما ظهر في الوثيقة التي حملت المسودة يعطي انطباعا قويا أن الغاية هي توفير شروط أخرى لاستمرار نظام غير ديمقراطي.

ثالثا: الضمانات

جاء في المراسلة التي رافقت المشروع التمهيدي أن هذه مجرد مسودة قابلة للنقاش والإثراء و هي أرضية يمكن أن نساهم بتعديل ما يستحق التعديل وحذف ما يجب حذفه وإضافة ما يجب إضافته لأن الغاية هي تزويد الأمة بدستور توافقي يستجيب لتطلعات الشعب.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، ما هي الضمانات بأن ما يطرح من تعديلات أو إضافات أو حذف من طرف المشاركين في النقاش عن بعد سيؤخذ بعين الاعتبار، على ضوء طريقة المشاركة و انعدام الشفافية. أتمنى أنني مخطئ و لكن طريقة إدارة النقاش كتابيا و محاولة إعطاء الانطباع بأن أكثر من 1800 مساهم من أحزاب و جمعيات وشخصيات، أدلوا برأيهم، قد تكون الغاية منه إعطاء شرعية غائبة، لأن الدستور التوافقي يستوجب نقاشا مجتمعيا واسعا.

سيادة الرئيس

الملايين من الجزائريات و الجزائريين في الداخل و الخارج يطالبون بجزائر جديدة جزائر ديمقراطية، جزائر دولة سيادة القانون، جزائر الحقوق و الحريات تعيد الأمل للشباب في العيش في وطنهم بكرامة، هذه فرصتكم و فرصتنا جميعا لوضع دستور توافقي يؤسس لجزائر جديدة، لا تضيعوا هذه الفرصة كما ضيع النظام المتعنت فرصة انتخابات توافقية يوم 2019/12/12.

أشكركم سيادة الرئيس مرة أخرى على دعوتكم لكنني أعتذر عن المشاركة بتقديم مقترحات لأنني أعتقد بأن الطريقة التي وضعت بها هذه المسودة من ناحية الشكل وما تضمنه من ناحية الموضوع ناهيك عن انعدام الضمانات بأن المقترحات ستؤخذ بعين الاعتبار .

هناك مثل شعبي متداول عند الفلاحين في منطقتي يقول  » الخط اللي ينبت الزرع باين من بدايته ، » هذه البداية في وضع الدستور لا أعتقد بأنها ستؤدي إلى ديمقراطية حقيقية.

إنني سأظل أأمل أن يتخذ مسار تعديل الدستور ووضع دستور الجزائر الجديدة مسارا سياسيا آخر، وأن يتم اللجوء لهيئة منتخبة سيدة تتولى هذا الأمر لبناء دولة المؤسسات ودولة سيادة القانون التي نناضل من أجلها منذ زمن طويل، وقد هرمنا ولم يتحقق لنا هذا الأمل حتى الآن.

هذه غاية سامية تجسيدها ينبغي أن يكون اليوم توافقيا وبإشراك كل الطاقات وكل الفئات، لأن السلطة، بما خبرته وعملت به من أساليب ومناهج لم تتمكن من تجسيد ذلك وربما كانت غير قادرة على ذلك لطبيعتها وغاياتها، وهو ما ينبغي التخلي عنه تماما.

تقبلوا سيادة الرئيس فائق التقدير والاحترام

المحامي الأستاذ/ مصطفى بوشاشي

Laisser un commentaire

Your email address will not be published.

Article précédent

DÉCÈS DE TAREK ZEDAM : ACCIDENT OU ASSASSINAT ?

Article suivant

LETTRE À KHALED DRARENI

Aller àTop