octobre 11, 2019
11 mins read

من « الصرح المؤسساتي » إلى « الفراغ الدستوري ». رضوان بوجمعة

الجزائر الجديدة 116 – من « الصرح المؤسساتي » إلى « الفراغ الدستوري »

أهم ما يمكن قوله اليوم في الجمعة ال 34، أن الأمة الجزائرية مصرة، وغير مستعدة، للتنازل عن مشروع بناء الجزائر الجديدة والتغيير الجذري لمنظومة الحكم التي غرست الفساد والاستبداد وزورت التاريخ وكادت أن تعرض جغرافيا الدولة إلى مخاطر التفكيك والتفتيت بسبب سياسات فرق تسد الموروثة عن النظام الكولونيالي.

الأمة الجزائرية خرجت في كل الولايات لتجديد رفضها لاقتراع 12 ديسمبر القادم، منددة بمشروعي قانوني المحروقات والمالية، اللذين تمت صياغتهما لإرضاء بعض شبكات الفساد في الداخل المرتبطة بالفساد الدولي وبشركات بترولية دولية لها علاقة بالامبريالية العالمية ومخطط النظام الاقتصادي الدولي الجديد.

الشعارات كانت موحدة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وحدة أمة تواجه سلطة فاسدة تتفكك عصبها وتريد أن تفرض اقتراعا إداريا وأمنيا لا يحقق الحد الأدنى من التوافق في لحظة تاريخية مفصلية، تود الأمة خلالها إعادة الجزائر إلى مصاف المجتمعات المفتوحة التي تبني الدولة والمؤسسات والسياسة الخارجية التي تعيد السيادة لبلد انتهكت سيادته مرارا، لعل أبشعها اجتماع ليزانفاليد العسكري بفرنسا، الذي جمع الرئيس بوتفليقة والوزير الأول وقائد الأركان.

السلطة الجزائرية التي ألغت انتخابات جانفي 92، ونظمت عقابا جماعيا للشعب الجزائري الذي اتهم بأنه لم يحسن الاختيار والانتخاب، وذهبت لفرض – تحت العنف والتعذيب والاعتقال – اقتراع نوفمبر 95 الذي فرض زروال في قصر المرادية، وهو الاقتراع الذي جندت له فيالق من « الشياتين » و »المتملقين » و » المتزلفين » الذي اتهموا رجال نوفمبر المعارضين بالخيانة، فكان من هؤلاء من تاجروا باسم الثقافة وباسم الدين وباسم العروبة وباسم الأمازيغية.. وكل هؤلاء كان شعارهم « من أجل بناء الصرح المؤسساتي »!

بلاطوهات التلفزيون العمومي والإذاعة، كانت تدعو « جامعيين » و »مثقفين » كانوا يقولون إن الرافضين لانتخابات 16 نوفمبر « هم متأمرون على الجزائر وهم من مساعدي الأصولية والإرهاب ».. تم الاقتراع الذي فرض بقوة السلاح، وذهب زروال نحو تغيير الدستور، ثم بمساعدة الجنرال بتشين تم تأسيس الأرندي الذي تشكل من ميليشيات مسلحة ومنشقين من حزب الأفلان، لالزام انتخابات تشريعية عرفت تزويرا شاملا لم يعرفه تاريخ الجزائر من قبل، فتحول الصرح المؤسساتي إلى أكبر « مسار تزويري ».

هذا الصرح المؤسساتي تحول إلى عنف شامل ضد المدنيين مع المجازر الجماعية والاغتيالات السياسبة بين سنتي97 و98، لينتهي هذا الصرح المؤسساتي إلى حرب عصب وشبكات النظام من توفيق مدين ومحمد تواتي وخالد نزار واسماعيل العماري ومحمد العماري، والعربي بلخير ومحمد بتشين والجنرال زروال.. وغيرهم، ليخرج زروال ويفرض العسكر بوتفليقة من سنة 99 إلى غاية 2019، قبل أن ينتفض الشعب ويفرض عليهم إدخال بوتفليقة -الذي كان يهدد الجزائريين والجزائريات في خطابات استفزازية فيها الكثير من النرجسية والجنون السياسي – إلى بيته.

الأمة الجزائرية منذ 22 فيفري، وهي تؤكد أنها تريد القطيعة مع منظومة « العسكرة » التي تفرض الرؤساء، والتي تقرر منذ الانقلاب على الحكومة المؤقتة إلى اليوم، مصير الجزائريين والجزائريات، ومقابل هذا انتقل خطاب السلطة نحو التهديد بالدخول إلى « الفراغ الدستوري »، رغم أن الكل يعرف أن هذا الفراغ دخل يوم 4 جويلية الماضي، وان عبد القادر بن صالح لا شرعية له، كما أن حكومة بدوي لا شرعية ولا مشروعية لها، وبذلك فإن السلطة تبين من خلال هذا المبرر أنها خارج التاريخ وخارج المنطق.

« دكاترة » الزور والدعاية، وسياسيو التعيين وصحفيو وصحفيات الأخبار الكاذبة، كلهم مجندون للقول إن عدم إجراء اقتراع 12 ديسمبر هو تآمر على الجزائر وبأنه إنهيار للبلد، وهذا لا يقنع الأمة.

مسيرة اليوم بكل ربوع الجزائر، تبين أن الجزائريين والجزائريات عازمون على بناء الجزائر الجديدة، وأن كل المعطيات تبين أن الذهاب إلى هذا الاقتراع هو انتحار للسلطة الحالية، لأن الأمة الجزائرية قررت وعلى ما تبقى من أجهزة الدولة الانصات إلى الأمة من أجل بناء توافق تاريخي لتغيير النظام من أجل إنقاذ الدولة وحماية الأمة.

تحرير وتصوير رضوان بوجمعة
الجزائر في 11 أكتوبر 2019

Article précédent

حان الوقت لأن تعود سلطة الدولة إلى الشرعية. بقلم الهواري عدي

Article suivant

Dépolitiser le grade de général

Latest from Blog

منظمة حقوقية تدين سجن ناشطة في الجزائر بتهمة الإرهاب بسبب أغنية

أعربت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان عن استيائها لإقدام السلطات الأمنية في الجزائر على اعتقال الناشطة الجزائرية جميلة بن طويس وما تعرضت له من تهم رأت المنظمة أنها « كيدية » من قبل السلطات على خلفية ممارستها لحقها في

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop

Don't Miss

الجزائر الجديدة. طريق التوافق ومأزق « التواطؤ »

الجزائر الجديدة 149 – تحرير وتصوير رضوان بوجمعة طريق التوافق

الجزائر: ماذا بعد شهر من رئاسة عبد المجيد تبون؟

رضوان بوجمعة. 2020-01-13. assafirarabi.com كاتب صحافي وأكاديمي من الجزائر حراكُ