mai 10, 2019
24 mins read

هواري عدي. ثورة الابتسامة في ضوء العلوم الاجتماعية

الهواري عدي

08 ماي 2019 lahouari-addi.blogspot.com

تحمل هذه المدونة عنوان « العلوم الاجتماعية، الثقافة والسياسة »، لقد أنشأت لتكون منتدى أفكار تخدم التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها الجزائر منذ 22 فبراير 2019. خلال هذه المرحلة من القطيعة، يُطلب وينتظر من العلوم الاجتماعية تنوير الرأي العام بخصوص الآليات المعقدة للصراعات السياسية والأيديولوجية.

إنّ العلوم الاجتماعية، بوصفها تخصصات أكاديمية، تعدّ نشاطا فكريا لا يمكن الاستغناء عنه في معرض فهم وتفسير التحولات الاجتماعية.ما يحدث اليوم في الجزائر، ليس صدفة ولا يعد حادثا عرضيا؛ بل هو نتاج لسيرورة تاريخية يلزم تطورها وانتقالها إلى طور تاريخي آخر. إن ما يحدث الآن، يُفسّر بالماضي وبسوسيولوجيا البلد التي طبعتها تناقضات الفترة الاستعمارية وكل ما جاءت به الدولة الوطنية بعد الاستقلال من حلول لم تكن كافية لتجاوز هذه التناقضات.كانت الوطنية الجزائرية التي احتكرها العسكر في حاجة إلى أن يُعاد نشرها وأن يقوم الشارع بتعبئتها من جديد لأجل إعادة التوازن إلى العلاقة بين الدولة والمجتمع.لصقل تحليل الحالة الثورية أكثر، يمكن العودة إلى تجارب باقي الشعوب التي نجحت في بناء دولة القانون والفضاء العام، اللذين يطمح لهما الجزائريون. سيسمح ذلك بمقاربة الأحداث الحاصلة من منظور أنثربولوجي، وفق طرح يرى أنه رغم الخصوصيات فإن الجزائر ما هي إلا وجه من أوجه البشرية.

الخصوصية الجزائرية هي ذات بعد تاريخي وثقافي، ولا ترجع بأي حال من الأحوال إلى جوهر جزائري. إذا كانت الثقافات متنوعة فهذا لأنه لا وجود أصلا لجوهر ثقافي.الثقافة هي تصور للعالم يتغذى من الذاكرة، الايديولوجيا ومصالح الجماعات. إنها تؤسس للرابط الاجتماعي وتعطي للفرد الشعور بأنه يمتثل للطبيعة، للأخلاق وللعقل. هي عامل وحدة، لكنها أيضا حاملة لصراعات بين الجماعات التي تتنازع احتكار العقل. إن موضوع الصراعات والنزاعات الاجتماعية ورهاناتها هي مصالح الجماعات، غير أن الأطراف المتصارعة تجند الايديولوجيات بقصد شرعنة مواجهة البعض منها للبعض الآخر.وعليه، فالأيديولوجيا هي مورد معرفي يشرعن لفعل جماعة ضد جماعة أخرى. هي ممارسة خطابية تدافع عن مصالح جماعات تُقدّم على أنها المصالح العامة للمجتمع. لذا فغاية كل أيديولوجية هو التغطية على الطابع الصراعي للمجتمع. وهنا تحديدا تتدخل السياسة التي تمثل فضاء يُعترف فيه بالاختلافات الايديولوجية للمجتمع.

إن الحداثة السياسية تحافظ على تماسك المجتمع وعلى السلم المدني، عبر سماحها بميلاد مؤسسات تضطلع بتسيير الصراعية الاجتماعية والأيديولوجية.إذا كانت الجزائر تعيش أزمة منذ عشريات عديدة، فهذا راجع لكون نظام الحكم المبني على هيكل عسكري، رفض بأن تكون هذه الصراعية في إطار المؤسسات وداخلها. بفعل منع الأحزاب السياسية قبل 1988، لجأت السياسة إلى المساجد، ثم بعدما تم تطهير  هذه الاخيرة منها، لم تجد من مكان آخر تلجأ إليه سوى ملاعب كرة القدم.إن الملاعب كانت هي المكان الذي انطلق منه الحراك الشعبي لـ 22 فيفري، هناك قام الاحتجاج بصهر شعاراته واخترع اغنيات شديدة النقد ومُعرية للفساد ولظلم السلطة. أغنية « لا كازا دي لمرادية » التي وصلت شهرتها العالم بأسره، نزعت الشرعية عن سلطة بوتفليقة، وعن الذين فرضوه على الشعب.لقد أدركت الشرطة السياسية (الدياراس) القوة التدميرية للملاعب، وعليه اهتمت بفرق كرة القدم ووضعت لإدارتها رؤساء أندية موالين للسلطة.

تم منح نادي اتحاد العاصمة (USMA) لعلي حداد، ومولودية الجزائر (MCA) لسوناطراك. غير أن آلاف المشجعين الحاملين لحسّ وطني سليم، استمروا في التعبير عن مشكل سياسي وليس عن مسألة/مسائل تسيير النوادي. وجب التأكيد بالمناسبة، أنها وحدها أنظمة الحكم التي تمنع على مواطنيها ممارسة السياسة، هي التي لديها بوليس سياسي. إن السوسيولوجيا تعلمنا أنه لا يمكن منع السياسي، الذي هو نشاط يتنفّس الجسم الاجتماعي عن طريقه. انفجار 22 فيفري هو انبعاث جديد للجسم الاجتماعي الذي خنقه كلّ من الفساد والتحلّل الذي أصاب السلطة العمومية. كلمات « لا كازا دي لمرادية » هي شكوى لشباب تم احتقاره وتجاهله من نظام لا إيمان ولا قانون له. ستكون هذه الأغنية، حتما، موضوعا للكثير من الأطروحات في علم الاجتماع السياسي، في الجزائر وفي غيرها من البلدان، لأنها كاشفة لطبيعة العلاقة بين الحكام والمحكومين في سياق نظام حكم فاسد وغير شعبي.

إن العلوم الاجتماعية تساهم، عبر المعارف التي تنتجها، في الدينامية التاريخية لبناء الدولة عبر الصراعات. وهي -أي العلوم الاجتماعية- ليست فوق هذه الصراعات؛ بل هي جزء منها، كونها توجه الديناميات الشعبية نحو آفاق من التماسك، المساواة، المواطنة والتقدم. كما أن العلوم الاجتماعية ليست محايدة، على اعتبار أنها تدفع بشكل مباشر نحو تشكّل وعي الفاعلين الاجتماعيين عبر تتبع وكشف الاغترابات والمصالح الضيقة.إنشاء هذه المدونة هو لأجل الحراك السلمي الذي بدأ في 22 فيفري، والذي يعتبر ثورة غير اعتيادية بحكم طابعها السلمي الصريح والواضح.  لقد نجح المحتجون الجزائريون إلى الآن في تحييد الجيش، الذي يعجز عن استعمال دباباته وأسلحته الفتاكة ضد الحراك الشعبي كما سبق له وفعل ذلك في أكتوبر 1988. لقد واجه الجزائريون العنف المادي للأسلحة التي تقتل، بالعنف الرمزي للشعارات الوطنية التي تصيح بها حناجر المحتجين السلميين لشعب من دون سلاح.لكن لا يجب أن نخطأ القراءة والتحليل. عدم إخراج القيادة العسكرية للدبابات هو بداعي خوفها من التحاق الجنود والضباط بصفوف المحتجين. فحتى داخل الثكنات كانت تسمع وتغنّى « لا كازا دي لمرادية ».

إنّ ممارسة العنف المادي للعسكر على أرض الواقع، يحتاج إلى أيديولوجية تمنحه الشرعية وتضمن له انصياع القوات وطاعة الجنود، لذا نجد القيادة العسكرية التي تفتقر للحجة، تستحضر على نحو مبالغ فيه ومرضي، الخروقات اليومية على الدستور منذ 1963. حين يتحدث العسكري عن الدستور فهذا دليل على افتقاره للحجة المشرعنة للديكتاتورية، التي يتمسك بها ويميل إليها بشكل طبيعي. إن المهمة التاريخية لنظام الحكم الجزائري –صون السيادة الوطنية في وجه القوى الأجنبية- انتهت في 1988، لكن القيادة العسكرية الرافضة للإصغاء لتحولات المجتمع، بقت متمسكة بالامتياز الالهي الذي تتمتع به، والمتعلق بتعيين الرؤساء ومختلف مسؤولي الدولة عبر انتخابات مزورة.

ستعرف الجزائر في الأشهر القادمة وضعية صعبة، تشهد مواجهة بين القيادة العسكرية –التي هي الآن في وضعية دفاعية- والمجتمع. إن نظام الحكم الموروث عن الاستقلال في 1962 انهار مؤسساتيا، ايديولوجيا وسياسيا، غير أن هيكله الصلب، العسكري، يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه. إن الانتقال نحو نظام حكم جديد أمر لا يمكن إيقافه؛ وسيكون هذا الانتقال إما سلميا وإما دمويا. هنا بالتحديد تتدخل مسؤولية البشر على نحو فردي. لا وجود للقدر في التاريخ؛ يوجد فقط خيار المصالح الآنية لجماعة صغيرة أو خيار المصالح بعيدة المدى للجماعة الوطنية.

La révolution joyeuse à la lumière des science sociales

Ce blog s’intitule Sciences Sociales, Culture et Politique, créé pour servir de forum d’idées aux changements socio-politiques qui se dessinent en Algérie depuis le 22 février 2019. Dans cette phase de rupture, les sciences sociales sont sollicitées pour éclairer l’opinion sur les mécanismes complexes des luttes politiques et idéologiques. Les sciences sociales, disciplines académiques, sont une activité intellectuelle indispensable pour comprendre et expliquer les évolutions sociales. Ce qui se passe aujourd’hui en Algérie n’est pas un accident de conjoncture ; il est le résultat d’un processus qui demande à évoluer vers une autre phase historique.  

Ce qui se passe s’explique par le passé et la sociologie du pays, marqués par les contradictions de la période coloniale auxquelles l’Etat postcolonial a apporté des solutions insuffisantes. Le nationalisme algérien, monopolisé par les militaires, avait besoin de se redéployer et d’être mobilisé par la rue pour rééquilibrer les rapports entre l’Etat la société.L’analyse de la situation révolutionnaire peut aussi être affinée en faisant référence aux expériences des autres peuples qui ont construit l’Etat de droit et l’espace public auxquels aspirent les Algériens. Cela permettra d’approcher ces événements dans une perspective anthropologique avec l’idée que malgré ses spécificités, l’Algérie n’est qu’une des diverses faces de l’humanité.

La spécificité algérienne est d’ordre historique et culturel et ne relève d’aucune essence immuable coulée dans le marbre. Si les cultures sont diverses, et aussi changeantes, c’est parce qu’il n’y a pas d’essence culturelle. La culture est une représentation du monde alimentée par la mémoire, l’idéologie et les intérêts des groupes. Elle fonde le lien social et donne à l’individu le sentiment d’être en conformité avec la nature, la morale et la raison. Elle unit, mais elle est aussi porteuse de conflits entre groupes qui se disputent le monopole de la raison. Les conflits sociaux ont pour enjeux des intérêts de groupes, mais les protagonistes mobilisent les idéologies pour légitimer le combat des uns contre les autres. L’idéologie est une ressource cognitive qui légitime l’action d’un groupe contre un autre.

Elle est une pratique discursive qui défend des intérêts de groupes présentés comme les intérêts généraux de la société. La finalité de toute idéologie est de cacher le caractère conflictuel de la société. C’est ici qu’intervient la politique qui est un espace où sont reconnues les divergences idéologiques de la société. La modernité politique maintient la cohésion de la société et la paix civile en donnant naissance à des institutions qui gèrent la conflictualité sociale et idéologique.Si l’Algérie est en crise depuis des décennies, c’est parce que le régime, à ossature militaire, a refusé que la conflictualité soit véhiculée par les institutions.

Pour avoir interdit les partis avant 1988, la politique s’était réfugiée dans les mosquées ; après avoir été expurgée des mosquées, elle a trouvé refuge dans les stades. Le mouvement populaire du 22 février a pour origine les stades où la contestation a forgé les slogans et inventé les chansons corrosives contre la corruption et l’arbitraire du pouvoir. La chanson La Casa del Mouradia, devenue mondialement célèbre, a délégitimé le pouvoir de Bouteflika et de ceux qui l’ont l’imposé au peuple. Ayant compris la puissance dévastatrice des stades, la police politique (le DRS) s’est intéressée aux clubs de football en imposant des présidents alliés au pouvoir.

Le régime a donné l’USMA à Ali Haddad et le MCA à Sonatrach. Mais les milliers de supporters, la fibre nationaliste intacte, exprimaient un problème politique et non une question de gestion de clubs. Il faut souligner au passage que seuls les régimes qui interdisent à leurs populations de faire de la politique ont une police politique. La sociologie nous apprend qu’on ne peut pas interdire le politique, activité par laquelle le corps social respire. La déflagration du 22 février est une régénération du corps social asphyxié par la corruption et la dégradation de l’autorité publique.

Les paroles de La Casa del Mouradia sont une complainte de la jeunesse méprisée et ignorée par un régime sans foi ni loi. Cette chanson fera l’objet de thèses en sociologie politique, en Algérie et ailleurs, car elle est révélatrice du rapport entre gouvernants et gouvernés dans un régime corrompu et impopulaire. En produisant des connaissances, les sciences sociales participent à la dynamique historique de la construction de l’Etat à travers les luttes. Les sciences sociales ne sont pas au-dessus de ces luttes ; elles sont partie prenante pour orienter les dynamiques populaires vers des perspectives de cohésion, d’égalité, de citoyenneté et de progrès.

Les sciences sociales ne sont pas neutres dans la mesure où elles participent à la prise de conscience des acteurs sociaux en débusquant les aliénations et les intérêts à court terme.Ce blog reprend ses publications à la faveur de la protestation pacifique qui a commencé le 22 février, et qui est une révolution qui sort de l’ordinaire par son pacifisme. Les manifestants algériens ont jusqu’à présent neutralisé l’armée qui, avec ses chars et ses armes létales, n’arrivent pas à les utiliser contre le mouvement populaire comme elle l’a fait en Octobre 1988. A laforce physique des armes qui tuent, les Algériens ont opposé la force symbolique des slogans nationalistes scandés dans des manifestations pacifiques d’un peuple sans armes.

Mais il ne faut pas se tromper. Si la hiérarchie militaire n’a pas fait sortir les chars, c’est parce qu’elle craignait que la troupe et les officiers rejoignent les manifestants. La Casa del Mouradia était probablement aussi chantée dans les casernes par les jeunes djounouds. Pour s’exercer, la violence physique du commandement militaire a besoin d’une idéologie pour se légitimer et pour obtenir l’obéissance de la troupe. A court d’argument, la hiérarchie militaire invoque de manière pathétique la constitution pourtant violée quotidiennement depuis 1963. Quand un militaire invoque la constitution, cela signifie qu’il n’a plus d’arguments pour justifier la dictature à laquelle il est naturellement attaché.La mission historique du régime algérien – affirmer la souveraineté nationale face aux puissances étrangères – était finie en 1988, mais la hiérarchie militaire, sourde aux mutations de la société, s’est accrochée à son privilège divin de désigner le président et les responsables de l’Etat à travers des élections truquées.

L’Algérie va connaître ces prochains mois une situation difficile qui oppose une hiérarchie militaire sur la défensive à la société. Institutionnellement, idéologiquement et politiquement le régime né de l’indépendance en 1962 s’est effondré. Sa charpente militaire essaye de sauver ce qui peut être sauvé. La transition vers un nouveau régime est inéluctable ; elle sera soit pacifique, soit sanglante. C’est ici qu’intervient la responsabilité des hommes à titre individuel.

Il n’y a pas de fatalité en histoire ; il n’y a que le choix des intérêts immédiats d’un groupe, ou le choix des intérêts à long terme de la communauté.  

Article précédent

فتحو ملف الطريق السيار شرق – غرب ولا مازال ؟

Article suivant

شاهد… مظاهرات حاشدة اليوم في الجزائر الجمعة 12 للمطالبة بتغيير النظام

Latest from Blog

منظمة حقوقية تدين سجن ناشطة في الجزائر بتهمة الإرهاب بسبب أغنية

أعربت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان عن استيائها لإقدام السلطات الأمنية في الجزائر على اعتقال الناشطة الجزائرية جميلة بن طويس وما تعرضت له من تهم رأت المنظمة أنها « كيدية » من قبل السلطات على خلفية ممارستها لحقها في

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop

Don't Miss

الجزائر الجديدة. طريق التوافق ومأزق « التواطؤ »

الجزائر الجديدة 149 – تحرير وتصوير رضوان بوجمعة طريق التوافق

47 vendredis contre des décennies de régression: le Hirak a remis l’Algérie en mouvement

Saïd Djaafer 14 Janvier, 2020 radiom.info A quelques semaines du