septembre 6, 2020
12 mins read

أي مسار دستوري للجزائر الجديدة !؟ …


31/08/2020 عبد الوهاب فرصاوي

أي مسار دستوري للجزائر الجديدة !؟ …

إن اللجوء لاستغلال اليوم التاريخي لاندلاع ثورة التحرير الوطني المتمثل في الفاتح من نوفمبر لتنظيم الاستفتاء على الدستور الجديد وتدشين في اليوم نفسه لمسجد الكبير في الجزائر العاصمة لدليل فاضح يكشف عن خدعة جديدة للسلطة.

من خلال هذه العملية ، ولا سيما مع احتمال تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة بعد الاستفتاء ، فإن السلطة التي لا تزال تلعب على عامل الوقت، تسعى لإغواء جزء من الشعب و تقسيم صفوف الحراك باستغلال التاريخ والذاكرة الجماعية ، وكذلك بتجنبد زبائنيتها القدامى الجدد في الدوائر الحزبية والنقابية والجمعوية و الإعلامية.

إن حل الأزمة الهيكلية والعميقة التي تشهدها البلاد لا يكمن في تعديل الدستور ، حتى لو احتوى على تطورات جزئية. يجب أن نتذكر أن الجزائر قد عرفت منذ الاستقلال ستة »6″ دساتير دون أن تكون قادرة على إحداث التغيير المنشود. يقوم كل رئيس بصياغة دستوره الخاص والذي سيكون هو أول من ينتهكه في الاخير .

المشكل الأساسي اليوم يتجسد في غياب الإرادة السياسية عند صناع القرار لاحترام وتطبيق الدساتير والقوانين التي قاموا بتشريعها. زيادة على ذلك ، فهذا هو حال الدستور الحالي الذي يضمن الحريات الديمقراطية التي تتغنى بها السلطة في خطاباتها الرسمية، و من جهة أخرى تنتهكها يوميًا.

« الجمهورية الجديدة » تتجسد بتراجع كبير وصارخ في الحريات الديمقراطية ، من خلال الإعتقالات التعسفية وغير القانونية لنشطاء الحراك والصحفيين والفنانين والشعراء و المواطنين بسبب إبداء أو التعبير عن رأيهم ، وكذلك من خلال التضييق وغلق للفضاء السياسي والاعلامي .

من ناحية أخرى ، فإن تعديل الدستور ليست مسألة منصب مهما كانت درجة مسؤوليته. لا يمكن إسناد مهمة صياغته إلى مجموعة من الخبراء. لكن يجب أن يستمد الدستور الجديد شرعيته من الشعب. يجب أن يكون تتويجا لمسار ديمقراطي يشارك فيه كل المجتمع والقوى الحية. يجب أن يكون القانون الأساسي للبلاد منبثق من الإرادة الشعبية وثمرة نقاش واسع وحر في المجتمع حتى يتمكن من ترجمة التطلعات المشروعة التي يعبر عنها الشعب و يحقق التوافقات المطلوبة في إطار احترام الإختلاف والتنوع و التعددية.

السلطة تستمر في احتقارها للشعب الجزائري والتقليل من شأنه. تدعوه مرة أخرى للتصويت على دستور لم يشارك في صياغته لا من ناحية الشكل و لا من ناحية المضمون . دستور صاغه خبراء بإملاءات من السلطة ، تمت « مناقشته وإثرائه » من خلال تبادلات عن طريق البريد الإلكتروني بين المثقفين والمنظمات و الأحزاب المنفصلة تماما عن المجتمع. مرة أخرى دستور قد يتم مناقشته والتصويت عليه من قبل برلمان فاقد للشرعية و ناتج عن التزوير والعصابة التي يدعي أصحاب السلطة الحاليون محاربتها.

انتخابات أخرى تضاف إلى عشرات الانتخابات الوهمية التي قدمت في كل مرة على أنها منقذة للجزائر.

إن الديمقراطية لا تختصر فقط على يوم الاستفتاء ، و لا تتعلق أيضا بعدد الأحزاب والنقابات والجمعيات المعتمدة و لا بعدد القنوات التلفزيونية والصحف المرخصة ولا بعدد الانتخابات التي أجريت. الديمقراطية هي ممارسة يومية ودائمة للمواطنة ، الديمقراطية هي جعل المواطن فاعلاً و ليس موضوعا، وقوة اقتراح وليس عبئاً يجب تحمله ، شريكاً وليس خصماً يجب محاربته . الديموقراطية هي احترام الحريات و الآراء حتى لو كانت متناقضة ، هي احترام الأقليات ، والاستماع إلى المعارضة وتشجيع الفكر النقدي في المجتمع. الديمقراطية ليس إسكات الأصوات التي تعارض السلطة وإلقاء بالجزائريين في السجون بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم. الديموقراطية هى استقلالية القضاء و الفصل الفعلي بين السلطات، الديمقراطية هي إرجاع للشعب سيادته ببناء مؤسسات تعكس ارادته
إن تنظيم الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية المبكرة في السياق والظروف الحالية لن يكون حلاً ، على العكس يمكن فقط أن يطيل الأزمة و أسجل حلها و يوسع الفجوة بين الحاكم والمحكوم.

كل المؤشرات تدل على أن الدستور الذي سيتم فرضه في الفاتح من نوفمبر المقبل لن يكون دستور الشعب ، بل سيكون دستور النظام كسابقيه الذي يهدف إلى إعادة رسكلة نفسه و تغيير واجهة أخرى.

على السلطة القائمة وضع حد لتعنتها و هروبها إلى الأمام، يجب أن تستمع إلى مطالب الشعب المشروعة واغتنام فرصة الحراك السلمي لتفادي انهيار الدولة و مؤسساتها والشروع في بناء مسار حقيقي للتغيير السياسي والسلمي للنظام، لأنه حتى و إن توقفت المسيرات بصفة مؤقتة بسبب وباء كورونا إلا أن الشعب قد تحرر و لن يتوقف في نضاله من أجل التغيير و الحرية و الديمقراطية.

31/08/2020 عبد الوهاب فرصاوي

Laisser un commentaire

Your email address will not be published.

Article précédent

رسم. الناس التي تربت على العبودية من أجل رغيف خبز لا يمكن أن تتحرر

Article suivant

Djilali Hadjadj démissionne du Soir d’Algérie qu’il accuse de « proximité avec le pouvoir en place »

Latest from Blog

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop