novembre 2, 2019
12 mins read

رسالة « نوفمبر » ولا تاريخية « ديسمبر »

الجمعة 125. رسالة « نوفمبر » ولا تاريخية « ديسمبر »

خرجت الأمة الجزائرية، اليوم، في الأول من نوفمبر للجمعة 37، في مسيرات مليونية تحمل الكثير من الرمزية ومن الرسائل السياسية العميقة التي تبين – للمرة الألف – أن الأمة الجزائرية واضحة في رؤيتها ومصرة في مطالبها وغير مستعدة لأن تعرض البلد إلى مخاطر أخرى من جراء منظومة حكم ميتة وقاتلة، وضعت الأمة والدولة رهينة لحرب عصب وشبكات لا تفكر لا في الجزائر ولا في الشعب، ولا تحترم التاريخ ولا تخاف على جغرافيا البلد.

ويمكن القول إن أول رمزية في مسيرة اليوم، هي أن الجزائريين والجزائريات تمكنوا من استرجاع رمزية نوفمبر بعد رمزية جويلية، الرمزية التي عبثت بها « نخب » الفساد والاستبداد، والتي تاجرت بدماء الشهداء عقودا من الزمن لضمان استمرارية نظام الشخص الواحد والقرار الواحد وغيرها من ممارسات العنف والإقصاء، فكم من مرة انتشرت فيها حتى مظاهر الفساد والبذخ في الاحتفالات الرسمية بالأعياد الوطنية من شبكات تاجرت بعظام ودماء الشهداء الأبرار.

رمزية نوفمبر كانت حاضرة بقوة، وفيها جددت الأمة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب مطالبها بإطلاق سراح أحد رموز نوفمبر المجاهد لخضر بورقعة، الذي سيسجل التاريخ أنه وفي عمر ال 86 من العمر مر عليه عيد الاستقلال وعيد الثورة وهو في سجون نظام الفساد والاستبداد، صور لخضر بورقعة كانت في كل مكان، والأمة قالتها بكل قوة: « أيتها السلطة أنت لست في مستوى رسالة نوفمبر مادمت تعتقلين أحد صناع نوفمبر، وأبناء وأحفاد نوفمبر، من رجال ونساء.. أحرار وحرائر ».

الرمزية الثانية أن الاحتفال بأول نوفمبر وبعيد الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، تم كذلك بمسيرة عظيمة حتى في قلب باريس وهو ما لم يحدث منذ استقلال الجزائر، حيث أن ذلك يُبين أن السلطة الجزائرية التي فشلت لعقود من الزمن في تحويل الهجرة الجزائرية بالخارج إلى قوة اقتراح وضغط للدفاع عن مصالح الجزائر في فرنسا، في حين أن الأمة الجزائرية بصورتها السلمية منذ فيفري الماضي أعادت روح نوفمبر لدى المهاجرين الجزائريين في فرنسا وبريطانيا وكندا وأمريكا وفي الكثير من بقاع الدنيا، وهي كلها مؤشرات لنهضة أمة تريد أن تبني دولة في مستوى تضحيات الشهداء بعيدا عن المنظومة التي أوصلت البلاد إلى خيانة وفضيحة اجتماع ليزانفاليد في 2013 وإهانة وإذلال قمة سوتشي الأسبوع الماضي.

الرسالة السياسية الأساسية لمسيرة اليوم من الجزائر إلى باريس، هي أن الأمة الجزائرية أكدت أن موعد 12 ديسمبر القادم هو موعد لا تاريخي، بل هو موعد سقط رمزيا وسيسقط عمليا، لأنه موعد لإعادة إنتاج الترهل والضعف والفساد وخيانة رسالة الشهداء، موعد لإنتاج منظومة فاسدة تريد فرض اقتراع ترشحت له وجوه لها ارتباطات بشبكات العربي بلخير والتوفيق مدين وعبد العزيز بوتفليقة وشبكات الولاء والتزلف التي استنزفت الريع البترولي بممارسات أقل ما يقال عنها إنها غير وطنية، بل معادية لرسالة نوفمبر وروح الثورة، القائمة على العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة واحترام القيم والمبادىء الإسلامية.

نوفمبر 1954 كان موعدا لثورة مسلحة حررت الأمة من ليل الاستعمار، بعدما فشلت كل أشكال وأدوات النضال السياسي في تحقيق ذلك، في حين أن نوفمبر 2019 هو موعد لنفس جديد لثورة سلمية لأمة واحدة وموحدة تريد القضاء على ليل الفساد والاستبداد والإقصاء، والقطيعة النهائية مع نظام فاسد مترهل أصبح عاجزا عن حل مشاكل شبكاته وعصبه، نظام رديء ينتج الرداءة، وهذه الرداءة أصبحت عارية أمام أعين كل الأمم منذ فيفري الماضي.. رداءة لم تستثن أي جهاز وأي مجال.

الأمة الجزائرية اليوم أكدت أن اقتراع ديسمبر القادم لن يمر لأنه ضد الأمة.. كل الأمة، ولأن رسالة نوفمبر هي رسالة جامعة، ولا تجتمع الأمة الجزائرية على ضلال، فالأمة تقولها اليوم بقوة من العاصمة وكل الولايات وإلى باريس عاصمة القوة الاستعمارية السابقة، أن اقتراع ديسمبر هو موعد للخروج من التاريخ، والأمة عادت لتصنع التاريخ، وتقول إن رسالة نوفمبر تجمع ولا تفرق ونظام الحكم ومنذ 62 قام على الإقصاء والكراهية والعنف، وبأن رسالة نوفمبر حفظتها الأمة وضيعتها السلطة، لذلك فرسالة نوفمبر هي رسالة لصناعة التاريخ وموعد ديسمبر لا يجمع الأمة لذلك فهو موعد لا تاريخي، موعد تدافع عنه وجوه اليأس والبؤس من شبكات وعصب نظام انتهى تاريخيا وأصبح يشكل خطرا على الدولة وعلى الأمة والأمن القومي.

الجزائر في أول نوفمبر 1954
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة

Article précédent

نوفمبر لنا, والمستقبل أيضا

Article suivant

تصريح الأستاذ بوشاشي في الجمعة 37من الحراك الشعبي

Latest from Blog

منظمة حقوقية تدين سجن ناشطة في الجزائر بتهمة الإرهاب بسبب أغنية

أعربت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان عن استيائها لإقدام السلطات الأمنية في الجزائر على اعتقال الناشطة الجزائرية جميلة بن طويس وما تعرضت له من تهم رأت المنظمة أنها « كيدية » من قبل السلطات على خلفية ممارستها لحقها في

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop

Don't Miss

الجزائر الجديدة. طريق التوافق ومأزق « التواطؤ »

الجزائر الجديدة 149 – تحرير وتصوير رضوان بوجمعة طريق التوافق

الجزائر: ماذا بعد شهر من رئاسة عبد المجيد تبون؟

رضوان بوجمعة. 2020-01-13. assafirarabi.com كاتب صحافي وأكاديمي من الجزائر حراكُ