février 24, 2020
15 mins read

واشنطن بوست: الحراك الجزائري علامة فارقة في تاريخ العالم ويدخل عامه الثاني بكل إصرار

24 – فبراير – 2020
لندن ـ “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تحليلا أعده الباحثان طاهر كيلافوز وشاران غريوال أكدا فيه أن أول أمس السبت 22 فبراير/ شباط 2020، حققت إحدى حركات الاحتجاج السلمية الأكثر مرونة في العالم علامة فارقة لمدة عام. فقبل عام، اندلعت احتجاجات في عموم البلاد ضد الرئيس الجزائري آنذاك عبد العزيز بوتفليقة بعد أن أثار ترشيحه لولاية خامسة غضبًا جماعيًا من المواطنين المحبطين من الفساد المتزايد في البلاد والاقتصاد البطيء وانعدام الحرية.

و أكد الباحثان على مدار العام الماضي، نجحت حركة الاحتجاج المعروفة باسم “الحراك” وبلا قيادة في الإطاحة ببوتفليقة وسجن شخصيات بارزة من نظامه، بما في ذلك رئيسا وزراء. وقد استمرت الاحتجاجات الجماهيرية السلمية في جميع أنحاء البلاد كل أسبوع حتى في وجه الاستفزاز وقمع النظام.

وينوه الكاتبان أن الحراك يدخل عامه الثاني برئيس جديد ورئيس وزراء جديد ورئيس برلمان جديد ومجلس وزراء جديد ورئيس أركان جديد للجيش. لكن النظام السياسي في الجزائر يظل دون تغيير جوهري.

نجا النظام الجزائري حتى الآن من الاحتجاجات باستخدام مزيج من أساليب فرق تسد والقمع المستهدف، لكن الحراك لا يتخلى عن مطالبه في عامه الثاني

وبحسب الباحثين فقد كانت أبرز نتائج الحراك هي اقتلاع “زمرة بوتفليقة”. بعد استقالة بوتفليقة في أبريل/ نيسان 2019، أدت المظاهرات المستمرة من الحراك إلى اعتقال ومحاكمة شقيق ومستشار بوتفليقة، واثنين من رؤساء الوزراء السابقين، واثنين من رؤساء الاستخبارات السابقين، وقادة الأعمال البارزين المنتمين إلى “جماعة بوتفليقة”، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين من حزبي السلطة: جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي.

في أعقاب استقالة بوتفليقة، أصبح قائد الجيش أحمد قايد صالح الوجه الأكثر وضوحا للنظام، حيث ألقى خطابات علنية أسبوعية تحدد موقف النظام. ومع ذلك، فإن الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة التي تنتقد مباشرة دور الجيش في السياسة -ورحيل قايد صالح في ديسمبر/ كانون الأول الماضي- دفعت خليفته إلى إخراج الجيش من دائرة الضوء وإلى رفع المركز السياسي للرئيس المنتخب حديثًا عبد المجيد تبون.

لكن النظام لم يتغير بشكل جذري وإن تراجع الجيش وراء الكواليس. غير أن الجيش لا يزال مركز القوة وراء واجهة مدنية يقودها الرئيس عبد المجيد تبون، كما يشدد الباحثان.

ويشير المحللان أن النظام الجزائري نجا حتى الآن من الاحتجاجات باستخدام مزيج من أساليب فرق تسد والقمع المستهدف، حيث سعى النظام في البداية إلى استقطاب المحتجين على أسس عرقية من خلال اعتقال المتظاهرين الذين كانوا يلوحون بالعلم الأمازيغي. وعندما فشل ذلك، ألقى القبض على شخصيات معارضة بارزة، إلى جانب مئات المحتجين الآخرين. كما أجرى النظام انتخابات رئاسية في ديسمبر الماضي، رغم الرفض العلني وحاول إشراك بعض جماعات المعارضة في هذه الخطة.

وبحسبهما يبدو أن الرئيس الجديد يتبع نفس قواعد اللعب الخاصة بتقسيم المحتجين واحتوائهم. لكن هناك فجوة كبيرة في الثقة بين تبون والحراك. ومن المحتمل أن ينظر المتظاهرون إلى أي تنازلات أكثر من مجرد تكتيك للحفاظ على النظام.

ويقول الباحثان إن المعارضة الجزائرية لم تتمكن من الاتحاد حول خريطة طريق انتقالية بديلة. في حين كانت هناك عدة محاولات للحوار بين زعماء المعارضة، إلا أنها لم تساعد في إنشاء كتلة معارضة موحدة، كما أنه من غير الواضح مدى مصداقية هؤلاء القادة للمتظاهرين.

ويؤكدان أن عدم وجود خارطة طريق بديلة وعدم قدرة المعارضة الراسخة على مضاهاة جهود الحراك ترك النظام حراً في فرض طريقه لإجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي. وحتى الآن، سمح هذا الوضع للنظام بالبقاء على قيد الحياة دون تنفيذ إصلاحات مجدية. لكن استنادًا إلى الخبرة المكتسبة خلال العام الماضي، من المحتمل أن يعيد الحراك أيضًا تشكيل مشهد المعارضة في الجزائر.

النظام الجزائري استفاد أيضا من عدم وجود ضغوط دولية مستمرة للإصلاح.. ووسائل الإعلام الأجنبية توقفت إلى حد كبير عن تغطية الحراك

ويشدد الباحثان على أن النظام الجزائري استفاد أيضا من عدم وجود ضغوط دولية مستمرة لإصلاح النظام السياسي. وقد أصدرت الحكومة الأمريكية بيانًا عامًا في مارس لصالح “طريق يعكس إرادة جميع الجزائريين”، ولكن بعد ذلك ظلت صامتة حتى انتخابات ديسمبر، “عندما هنأت تبون، مع ملاحظة أن الجزائريين عبروا عن تطلعاتهم… في الشوارع، كذلك”. وقدمت فرنسا والاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان بيانات علنية عن الجزائر لصالح الحوار، لكن لم يبذلوا جهودًا متضافرة للحفاظ على الضغط الدبلوماسي على الحكومة للإصلاح.

وتوقفت وسائل الإعلام الأجنبية إلى حد كبير عن تغطية حركة الاحتجاج، مما قلل من الضغط على النظام من قبل الجماعات الشعبية عبر الوطنية. تأتي البيانات الأجنبية الأكثر انتظامًا من روسيا – التي عرضت دعمها للحكومة الجديدة وتأمل في توثيق العلاقات بين البلدين.

ولا يظهر الحراك أي مؤشرات على التراجع، ولعل أكبر إنجاز للحراك هو تعبئته المستمرة لأكثر من عام على الرغم من محاولات النظام لتقسيمه. ويواصل مئات الآلاف من الجزائريين في جميع أنحاء البلاد النزول إلى الشوارع كل أسبوع، متحدين في مطالبهم بتغيير النظام والحرية والكرامة.

وتشير مرونة الحراك ، بحسب الباحثين، إلى أن الجزائريين ليسوا مستعدين للتخلي عن هذه المطالب. لقد كان الحراك فعلا تجربة تحويلية للشعب الجزائري، متجاوزًا توقعات الكثير من المراقبين. ومن المحتمل أن يشكل المشهد الجزائري في عامه الثاني كذلك.

Laisser un commentaire

Your email address will not be published.

Article précédent

ليس ثمة حراك جيد (الأشهر الأولى) وحراك سيء (ظهر في الصيف)

Article suivant

عن اليسار عموما وعن اليسار « المدخلي » خاصة

Latest from Blog

منظمة حقوقية تدين سجن ناشطة في الجزائر بتهمة الإرهاب بسبب أغنية

أعربت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان عن استيائها لإقدام السلطات الأمنية في الجزائر على اعتقال الناشطة الجزائرية جميلة بن طويس وما تعرضت له من تهم رأت المنظمة أنها « كيدية » من قبل السلطات على خلفية ممارستها لحقها في

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop