بقلم الهواري عدي. عبر صفحته على فايس بوك 11/01/2020
جاءت الجمعة 47 لتظهر أن الاحتجاج سيستمر في الزمن. لا وفاة قايد صالح، ولا اقتراع 12 ديسمبر، استطاعا التأثير على التعبئة الأسبوعية. الجزائريون غير راضين على التغيير في نظام الحكم ويطالبون بتغيير نظام الحكم. يهدف الاحتجاج حاليا إلى بلوغ سنة كاملة منذ انطلاقه، وهو ما سيحدث في الجمعة 53 التي ستصادف يوم 21 فيفري. في هذه الأثناء، تنتهج السلطات سياسة العصا والجزرة، محاولة تطبيع وضع احتجاجي فريد من نوعه وغير مسبوق. كان هناك قرابة مائة معتقل رأي استفادوا من إطلاق سراح مشروط، كما تم الاعلان عن تعديل مقبل للدستور. مع هذا، لم يتحقق الوفاق بين الطرفين المتنازعين. كان هناك أيضا، في بداية مسيرات الجمعة 47 حملة قمع شديد. فلقد قامت قوى الشرطة المرتدية للزي الرسمي وبالزي المدني، بمطاردة العشرات من المتظاهرين محاولة وأد التعبئة في لحظاتها الأولى. غير أن هذه الاستراتيجية باءت بالفشل بعد بضغ ساعات، أمام العدد الهائل للشباب القادمين من باب الواد والقصبة، والمنادين بشعارات مناوئة للجنرالات. صارت أجهزة الأمن تدرك رغما عنها أن تجاوز عدد المتظاهرين لسقف معين، يجعل القمع أمرا مستحيلا. بإمكان شرطي واحد تفريق عشرة متظاهرين بعصاه، لكنه يستحيل عليه ذاك في مقابل مائة محتج. الحراك، مُدرك لهذا بشكل غريزي، وهو الأمر الذي يجعله يستمر في تحدي النظام، إلى غاية تحقيق مطالبه. اللهم إلا إذا أعطي الأمر بإخراج الدبابات وإطلاق الرصاص على الجماهير، مما سيؤدي إلى شرخ عنيف في النظام.
صار مؤكدا الآن أن الحراك سيدوم، وأنه منخرط في الزمن الطويل، دون أن يعيق ذلك الحياة الاجتماعية اليومية نظرًا لعدم وجود إضربات أو عنف. لقد توصل الجزائريون جماعيا وبشكل لا شعوري إلى الطريقة الأمثل لوضع النظام في مأزق. لن يتمكن الرئيس من القيام بأي جولة في الوطن؛ ولا يستطيع وزراءه النزول إلى الميدان؛ والولاة منقطعون أصلا عن المواطنين. إن الأمر أشبه بأزمة بين زوجين، أحدهما يريد الطلاق والثاني رافض له، رغم أن الطلاق بالثلاث قد وقع فعلا ومنذ فترة طويلة. إننا أمام الطلقة ال47 والتي تجعل من هذه الحكومة في حكم الزوج غير الشرعي.
لقد بلغت مشروعية النظام حدودها القصوى. وكي يكون لمشروعية ما مقدار من الفعالية، عليها أن تتمتع بحد أدنى من الشرعية، في حين لم يبق لنظام الحكم الجزائري هذا الحد الأدنى من الشرعية، الذي يضمن استمراره سياسيا.