بقلم نجيب بلحيمر 15 11 2019
لا تتابع توقعات أحوال الطقس، في كل الظروف ستكون الشوارع مليئة بطالبي الحرية، ذهبت الفصول وعادت وتحولت الثورة السلمية إلى ثابت في حياة الجزائريين، وبعد كل جمعة تتأمل تطرح السلطة سؤالها القديم « ما العمل؟ » سؤال يفترض استحضار كل البدائل العقلانية ودراستها بكل جدية والمفاضلة بينها لاتخاذ القرار السليم، لكن ليس هذا ما يحدث في الواقع، تصم السلطة آذانها وتفضل متابعة إعلامها، الذي تعرف كذبه، على رؤية الحقيقة الماثلة على الأرض.
لعبة عض الأصابع متواصلة، السلطة تواصل رهانها على الوقت وعلى كسر عزيمة المتظاهرين، والشارع يسقط الرهانات في كل مرة، فالرد على الحرب النفسية يكون في كل مرة بمزيد من التجنيد، وإنكار السلطة تعالجه المسيرات بمزيد من التصميم على إسماع من به صمم، ولأن أساليب النظام مهترئة مثله فإنها لم تعد تجدي، ولأن هذا الجيل ممسك بأدوات عصره فقد حول النظام إلى أضحوكة، يتسلى بكشف أكاذيبه، ويرد على مسرحياته بمزيد من التجند.
في الجمعة التاسعة والثلاثين تحولت صور المتظاهرين وهم يهتفون تحت المطر والبرد إلى رسالة مثيرة تلخص التصميم على نيل الحرية وعلى إسقاط المهزلة الانتخابية التي تريدها السلطة هروبا إلى الأمام وتغطية على الفشل في إبداع الحلول، وفهم ما يجري على الأرض من تحولات، والذين خرجوا في هذه الظروف لا يمكن أن نتوقع منهم أن يركنوا مجددا إلى بيوتهم قبل بلوغ الهدف الذي يخرجون من أجله منذ 22 فيفري، فلا حديث الانتخابات يغريهم، ولا إصرار السلطة على الهروب إلى الأمام يثنيهم عن مواصلة المسير، وهذا سيجعل الثاني عشر ديسمبر يوما عاديا في حياتهم يسبق جمعة أخرى من الثورة السلمية، ويلي يوم الحادي عشر ديسمبر الذي سيكون هو الآخر مناسبة تاريخية يجب تحريرها من نظام ليس أهلا لها كما حدث مع عيدي الاستقلال والثورة.
مع اقتراب موعد السلطة مع انتخاباتها يزداد الإصرار، ومع تنظيم مسرحيات المسيرات التي تستهدف الشعب في وحدته يبدع الجزائريون في إظهار تمسكهم بوحدتهم، ومع كل جمعة يتضح للسلطة خطأ خيارها، وسوء تقديرها وتدبيرها، فكلما اقترب 12 ديسمبر كلما ابتعدت الانتخابات حتى لا يبقى منها إلا وهم لن يلبث أن يتحول إلى مسمار أخير يدق في نعش نظام حان وقت التخلص من جثته.
انتظرتم رمضان والصيف وجاءت الأمطار ولم تجنوا غير الخيبات، حان وقت الاستماع إلى شعب يتظاهر تحت المطر ويقول إنها تمطر حرية و »جايبين جايبين جايبين الحرية ».
تصوير محمد كامون