اسمي محمد عباس. انا سجين رأي في غرداية. فقدت يوم الجمعة هذه البنات. اللواتي يظهرن معي في الصورة. يمكنكم تخيل الأمر بوضوح. أب في زنزانة. لم يسرق ولم يكن مجرما. قال رأيه فقط. أنا هنا بين مظلومين كثر. لكني الأسوأ حالا اليوم. فقد استفقت على خبر فقدان بناتي. يمكن لأي سجين ان يصبر قليلا. حتى يعود الى عائلته. يمكن أن يزوره ابنه او ابنته. كما كانت زوجتي تفعل. كانت تجلب البنات فأقضي أياما جيدة. بمعنويات مرتفعة. أواجه فيها قساوة السجن.
لكن لم تعد هناك عائلة في انتظاري بعد اليوم. بناتي متن دفعة واحدة. رحلن نهائيا. من دون أب يحاول انقاذهن. من دون أب يقف على قبورهن ويحتضنهن لآخر مرة. من دون أب يبكي في العزاء. لقد رحلن وأنا في قبر آخر. تتقطع اوتاري بصمت. ولا أحد يسمعني رغم ان صراخي كفيل باسقاط هذه الجدران من حولي.
هذا القبر يعذبنا أكثر. تعرفون ما أشعر به الان!؟. ذلك القبر الحقيقي. تلك الحفرة التي يخشاها البعض. اعتبرها عشا جميلا. اعتبرها ملاذا. خلاصا من هذا الشعور. أنا أتمزق يا الله..!!
بابا نحبك.. بابا وقتاش تروح.. بابا توحشتك.. بابا جبت معدل مليح… همساتهن بينما يتدافعن على هاتف الحبس خلف الزجاج.. همساتهن تدخل الآن من نافذة الزنزانة. أي عقاب هذا يارفاق.. قالت لي الكبيرة منذ وقت أن معلمتها طلبت منها ان تجلب والدها. قالت » قلتلها ضرك يروح بابا من الحبس يجي معايا » .. بكيت يومها.. بكيت ولم أكن اعرف اني لن أستطيع مرافقتها أبدا …
كنا نقرا عن مساجين أمريكا اللاتينية في عهد بينوتشيه ونعتبر تلك الممارسات من زمن لن يعود أبدا. وها انا في وضع بائس جدا. لن أستطيع بحفنة كلمات رسمه لكم أيها السادة..
أنا لا اكتب لأستجدي احدا. حتى دموعكم. ليست هناك شلالات في العالم يمكن أن تتدفق من هذا السقف الآن. وتجعلني أنهمك للحظات عنهن.
لقد مات كمال فخار هنا. ويوجد قصص أخرى تذيب القلب. إننا معزولون عنكم. معزولون. هذا ما أريد قوله. قضيتنا معزولة. لا أحد يهتم بنا. أفرج بالأمس عن سجناء الحراك. لكن لا أحد ذكرنا. ألسنا مظلومين يالله!! ألسنا من هذا البلد!!
أريد أن أفهم فقط ان كنت جزائريا مثلكم!! أنا أشعر بغربة فادحة. لست حزينا. أنا ميت ان شئتم. أريد فقط ان افهم كيف تؤخذ الحقوق هنا..!!
لقد فقدت عائلتي اليوم. وفقدت وطني أيضا … أنا محمد عباس يالله ترفق بي قليلا..