août 15, 2019
8 mins read

رضوان بوجمعة. العطب في « اقتراع »!

الجزائر الجديدة 79. العطب في « اقتراع »!

ستعبد الجزائر الجديدة طريق بناء الدولة والمؤسسات، لما تخرج من منظومة العصب والشبكات التي استولت على السلطة وصادرت الدولة واستعبدت الأمة. 

الخروج من منظومة العصب والشبكات، أصبح ضرورة تاريخية تفرضها التحولات الاجتماعية الكبرى التي عرفتها الأمة الجزائرية، كما تفرضها التغيرات الدولية التي لا يمكن أن يواجهها نظام العصب والشبكات، لأن هذه المنظومة أضعفت الدولة وشوهت صورة الأمة وهي اليوم تهدد النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية. 

ما تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري، هو ميلاد وعي وطني سياسي كبير أدى إلى تعميق الأزمة بين مختلف زمر وعصب وشبكات المنظومة، بل تحول الخطاب الرسمي عبر قائد الأركان ليتحدث عن وجود عصابة وأبواقها وأذنابها، وتبدأ معها حملة اعتقالات مست جزء من شبكات العصابة بتعبير قائد الأركان، وترد عصب شبكات وأخرى من خلال بعض الأجهزة الإعلامية في حملة مضادة، كما يتحرك خالد نزار عبر مدينة من المدن الغربية فيدعو للتمرد داخل الجيش، وهي دعوة كافية لإدانة المنظومة بأنها أصبحت تشكل خطرا على وحدة الأمة والجيش، بما أن تناقضاتها ومعاداتها تجاوزت كل حدود أخلاقيات الصراعات والممارسات السياسية، إلى عمل يشبه أعمال الكارتلات المافياوية هنا وهناك.

منظومة الحكم اليوم في أزمة كبيرة، بينما المجتمع يسير بخطى ثابتة نحو بناء وعي سياسي ووطني يؤسس لقواعد الممارسة السياسية الحقة، في وقت أن المنظومة تتخبط في صراعات متعددة الأبعاد، لذلك ترى العصب التي تتحكم في زمام الأمور أن الذهاب المباشر نحو الانتخابات قد يخرجها من الضغط الذي تعيشه، رغم أن التجارب السابقة أظهرت أن الذهاب للانتخابات دون حل نهائي لمشكل شرعية ممارسة السلطة لن يزيد الوضع إلا تعقيدا، وهو ما حدث من فرض زروال إلى فرض بوتفليقة، بدليل ما تعيشه المنظومة من تفكك تام ومتقدم. 

ولهذا فإن الاقتراع الذي يراد فرضه قد يحل مشكل جزء من عصب المنظومة، لكن لن يحل مشاكل منظومة الحكم، وسيزيد من تعقيد مشاكل البلاد كدولة وكأمة، لأن النظام اليوم أصبح عاجزا عن تسيير مشاكله الداخلية وغير قادر لا على حلها ولا على تجاوزها، لذلك فإن كل من يريد فرض الانتخابات في ظل الأوضاع الحالية سيساهم في وضع رئيس ضعيف على رأس قصر المرادية.. رئيس سيزيد من هشاشة الجزائر خارجيا، وقد يسرع تفكك نسيجها الاجتماعي ووجودها القانوني والسياسي والجغرافي، لذلك فإنه من الحكمة والبصر والبصيرة تحتم على أصحاب القرار التفكير في إيجاد مسار توافق تاريخي يؤدي إلى تغيير المنظومة التي أصبحت تهدد وجود الجزائر كدولة وكأمة، وأصبحت منظومة فاشلة حتى في تسيير مشاكلها الداخلية، فما بالك بمشاكل الجزائر والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، وهي تحديات لا يمكن أن تواجهها الجزائر إلا بوعي وطني وسياسي جديد يقطع نهائيا مع جزائر العصب والعصبيات والشبكات التي دمرت البلاد بشرا وشجرا وحجرا، ومصالحها كدولة..

الجزائر في 14 أوت 2019 
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة

Article précédent

Évocation de Frantz Fanon avec Marie-Jeanne Manuellan

Article suivant

الاستراتيجية الامريكية في إخضاع العالم للفيلسوف نعوم تشومسكي

Latest from Blog

Aller àTop

Don't Miss

الجزائر الجديدة. طريق التوافق ومأزق « التواطؤ »

الجزائر الجديدة 149 – تحرير وتصوير رضوان بوجمعة طريق التوافق

الجزائر: ماذا بعد شهر من رئاسة عبد المجيد تبون؟

رضوان بوجمعة. 2020-01-13. assafirarabi.com كاتب صحافي وأكاديمي من الجزائر حراكُ