septembre 7, 2019
15 mins read

القايد صالح يقفز على صلاحيات رئيس الدولة ويهدد وقريبا سيلتحق بزملائه بفندق الحراش بفضيحة مدوية

 حفيظ بوقرة للجزائر تايمز ي 06 شتنبر 2019

ذات فريضة أداها « جحا » في المسجد، و عندما هم بمغادرة بيت الله، اكتشف أن نعله قد سرق منه، فصاح في الناس غاضبا و مهددا  و هو يقول : « إذا لم يتم إحضار نعلي فسوف أفعل نفس ما فعل أبي »،  و ظل يكرر عبارته التهديدية حتى اجتمع الناس حوله، و تخوف الناس من المجهول الذي كان سيقدم عليه و سارعوا لشراء نعل جديد له و ليجنبوا البلدة انتقام « جحا » ،  و قدموا له النعل الجديد و سألوه بعد أن هدأت نفسه و زال غضبه و هو جالس يدخل النعل بقدميه : « ماذا فعل والدك ؟ »، فأجابهم: « لقد مشى حافيا  من المسجد إلى البيت..! »، و كذلك الأمر بالجزائر، التي أصبح كل ساستها و قادتها يعتلون منابر الإعلام ليخبروا الشعب بغضبهم وضيق صدرهم من حالة الركود و الاحتباس التي تغرق فيها البلاد و يهددون في كل مرة، بينما كل ما يستطيعونه – أمام إرادة الشعب – هو المشي من بيت الحكم إلى سجن البليدة بفضيحة مدوية.

لا نزال ننتظر – كما الرأي العام بالجزائر- من « القايد صالح » أن يشرح خطابه ليوم الإثنين 02 سبتمبر، و أن يكشف لنا من أفتى عليه بقول ذلك الكلام و كيف سولت له نفسه توجيه أوامره إلى الجزائريين كأنهم جنود في ثكنة هو قائدها؟، و كنا مثل الجميع نسارع للاستماع لخطاباته و نحن نمني النفس أن نشاهده يوما في حوار متلفز بعيدا عن الثكنة و بقميص أبيض مدني…، و هو يجلس أمام صحفي و يجيب بتلقائية على الأسئلة المحرجة دون الحاجة إلى المراوغة و لغة الخشب، و أن يتوقف غموض عباراته و أن يكشف لنا من الذين يتآمرون عليه و على البلاد، و موقفه الحقيقي من الحراك، و سر تلك الإعتقالات… و لماذا يرفض الحديث مباشرة مع قادة الحراك؟.

فقد فاجأ « القايد صالح »  الجميع بدعوة الهيئة الناخبة لاختيار الرئيس يوم 15 سبتمبر، في واحدة من القرارات الأكثر غرابة خلال الأحداث السياسية لهذا القرن، ذلك أن قرارا من هذا القبيل يحدد مصير دولة من حجم الجزائر خلال السنوات المقبلة، لا يمكن أن يتخذ بهذا الشكل  المفاجئ، و أن يجلس رئيس الجيش ببزته العسكرية أمام بضعة أفراد من القوات ليلقي خطابا يقرر فيه ما يجب أن يفعله  الشعب الجزائري، و أن يفرض على  جحافل الحراك الشعبي التي صمدت في الشوارع لأزيد من ستة أشهر متحملين أيام الصيام و حرارة الصيف و مضحين بعطلهم، و متحدين المتاريس التي وضعتها أجهزة الأمن و العراقيل التي نصبتها السلطات، و الخوف الذي تنشره الكتائب الإلكترونية على الصفحات، و حملة التشهير و التشويه التي قادها صحفيو قصر « المرادية » ضد رموز الحراك، و الاعتقالات الترهيبية…، و في النهاية و بكل بساطة يقرر قائد الجيش عوضا عن الرئيس الجزائري، و يدعو الهيئة الناخبة للاصطفاف في طوابير طويلة يوم 15 سبتمبر من أجل التصويت على الرجل الذي اختاره هو و من معه كي يفرضه على الشعب.

لكن للأمر دونما شك تفسير و قراءة، و أن ربط الأحداث الأخيرة يشرح طبيعة الصراع داخل بيت الحكم في الجزائر، لأن الخطاب الذي قرأه « القايد صالح » على الشعب الجزائري يوم الإثنين 02 سبتمبر، بدا كحدث عرضي و أن شيئا مستجدا فرض الأمر في الساحة، و نحن نعلم جميعا أن رئيس البلاد المؤقت « بن صالح » دخل في صراع قطبي مع قائد الجيش بسبب الاعتقالات و مطالب الحراك، و أنه لم يعد يستطيع مواصلة حكم البلاد بسبب مرض السرطان الذي ينخره و العلاج الكيماوي المرهق الذي يستنزف جهده و تحمله، فيما الساحة الجزائرية بدت مخترقة من قوى تعبث بمصير البلاد و تبحث عن موقع لها داخله، و هناك قوى تقليدية تريد الحفاظ على مصالحها و تراقب الوضع… بل و تأثر فيه.

و رغم أن بعض الصحافة التي لا تقرأ الأحداث في إطارها الزمني و داخل السياقات، تحاول أن تجعل « القايد صالح » رجل المرحلة الذي يبادر بهذا القرار و يطلق رصاصة الرحمة على لجنة الحوار التي يقودها « كريم يونس »، و أنه أراد أن يكشف للجميع إمكانيات قدرته باعتباره الآمر الناهي و أن الحلول لا يمكن أن تكون إلا من صنع يديه، و أن الأمر فيه استعراض للقوة و السطوة لأنه رجل يرى الأمور من منظار الدبابة و ليس من داخل غرف السياسة، و الديمقراطية بالنسبة له مجرد رفاهية لا تصلح لشعب يثور لأبسط الأسباب، و أن مفاتيح سجن البليدة بجيبه…، لكن الأمور في الأصل اعقد من مجرد استعراض للعضلات من العسكري الأول بالبلاد، ولا يمكن حصره في صراع بين قائد الجيش و رئيس مؤقت منهك تورط في لعبة كبيرة بعد قبوله بدور  الرئيس-الكومبارس، و هو اليوم يبحث عن ربع فرصة للاستقالة.

القضية تنتمي إلى جدول إصلاحي – تخريبي بمنطق القوى التي تقود التغيير في العالم العربي، و هو الجدول أو الأجندة التي جعلت الجيش يسيطر على السلطة في مصر بعد أن أسقط الشعب نظام البلاد…، و نفس القضية في ليبيا التي أرادوها بيداء من الفوضى لأجل مشروع مجهول سنعرفه في المستقبل، و السودان الذي فُرض فيه تقاسم السلطة بين المعارضة و الجيش، بعد خلاف طويلا و عدد من الضحايا، و فجأة…، عرفت الأزمة طريقها إلى الحل و حصلت السودان على دستور غريب جدا… و أوطان عربية أخرى أحداثها غامضة، و اليوم في الجزائر السفير الروسي يقول كلاما عميقا في الشأن الداخلي للبلاد، و مواقع إماراتية تتحدث عن تنسيق فرنسي -إماراتي لحماية المصالح الثنائية بينهما، ضد الأطماع الصينية و الروسية، و قائد الجيش على طريقة الانقلابات البيضاء يلقي خطاب من ثكنة يفرض فيها على الشعب تاريخا انتخابيا محددا، رغم أن الشعب يرفع شعار:  » لا  لانتخابات تنظمها العصابة »، هذه المستجدات تجعل الجزائر كتابا مفتوحا على كل القراءات، و أحداثه تقبل كل التأويلات و لا أحد يعرف غدا ما سيحدث، لكن ما أنا متأكد منه أن كل الوقائع في الجزائر، ستحمل رياح السياسة أثار إشعاعها و ستنثرها على المخيمات… فهل لا نزال نستطيع التحمل…؟ 

 حفيظ بوقرة للجزائر تايمز

Laisser un commentaire

Your email address will not be published.

Article précédent

« العدو » و »الخصم ».. ثقافة الإهانة والانتقام

Article suivant

جسور التوافق و جدران شبكات الفساد

Latest from Blog

منظمة حقوقية تدين سجن ناشطة في الجزائر بتهمة الإرهاب بسبب أغنية

أعربت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان عن استيائها لإقدام السلطات الأمنية في الجزائر على اعتقال الناشطة الجزائرية جميلة بن طويس وما تعرضت له من تهم رأت المنظمة أنها « كيدية » من قبل السلطات على خلفية ممارستها لحقها في

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop

Don't Miss

عاجل: وفاة الفريق أحمد قايد صالح بسكتة قلبية

أفادت مصادر مطلعة  اليوم الإثنين، أن الفريق أحمد قايد صالح نائب

النظام .. صورة من خطاب.

Nadjib Belhimer وقفوا جميعا يصفقون بحرارة لقراره بسحب صفة الفخامة