الجزائر الجديدة 17 – تحرير و تصوير رضوان بوجمعة

تبدأ الجزائر الجديدة مسارها نحو البناء و سلطة القانون على الحاكم و المحكوم عندما تخضع الأجهزة الأمنية بأسلاكها المختلفة للقانون و القانون فقط، وعندما تخضع ميزانية هذه الأجهزة للرقابة البرلمانية من برلمان يمثل الإرادة الشعبية و يترجم وجود ثقافة الدولة وليس منطق العصبة و العصبية.
أول خطوة تعمل في تجاه هذا المسار، هو حل الشرطة السياسية، و التي لا توجد إلا في الأنظمة الشمولية و المستبدة، لأنها تعتقد أن الشعب هو عدو أبدي لا بد من مراقبته و متابعته، و الشرطة السياسية لا علاقة لها بالمخابرات التي تخضع للسلطة السياسية و تخدم الدولة. الشرطة السياسية في الجزائر استخدمت منذ الاستقلال لقمع و تخوين و متابعة كل من لا يرضخ لمنطق القوة الذي يحكم السلطة، و الذي سلط على رقاب السياسيين المعارضين و الجمعيات و الصحفيين و الجامعيين و المثقفين الأحرار، كما استخدمت منذ تسعينيات القرن الماضي لاختراق الأحزاب و تدبير الانقلابات ضد القيادات الشرعية التي تملك تصورا سياسيا واضحا، كما استعملت في تفجير الجمعيات من الداخل، و تسيير بعضها الآخر، و كذلك تم و يتم مع وسائل الإعلام وعلى كل مستويات الحياة العامة.
حل الشرطة السياسية هي خطوة مهمة نحو انتقال حقيقي لديمقراطية فعلية، تقطع مع ممارسات التخوين و التحريض و الكراهية ضد الجزائريين و الجزائريات، وهي شرط أساسي لإيجاد المجتمع المفتوح الذي يبني الدولة و يدافع عنها، و الذي يقوم بفرض سلطات مضادة تراقب و تحاسب كل المسئولين و على كل المستويات، في ذلك الوقت يتبين لمن فكروا في إيجاد الشرطة السياسية أن عملهم كان حليفا طبيعيا لقوى الفساد و الاستبداد، و بأن الكثير من الجزائريين و الجزائريات الذين سودت صورتهم التقارير المغلوطة للشرطة السياسية، هم في الكثير من الأحيان من أنظف و أشرف الناس، و بأن الكثير مما جاء في هذه التقارير كان مصدرها شبكات الفساد الموالية لمنظومة فاسدة جزء كبير منها له امتدادات حتى مع شبكات الفساد في الخارج.
كما سيكتشف هؤلاء أن تفجير الأحزاب و الجمعيات و تخوين الناس عبر إعلام الدعاية هو الذي صنع الفراغ و جعل الجزائريين و الجزائريات يفقدون الثقة و يشكون في كل شيء و يرون ظلهم و مخططاتهم في كل مكان و في كل طرح.
حل الشرطة السياسية سيمكن من اقتصاد أموال ضخمة للخزينة العمومية يمكن أن يتم تحويلها لبناء مؤسسة قوية لمخابرات الدولة التي تخدم المصالح العليا للدولة و الأمة.
الجزائر في 10جوان 2019
تحرير و تصوير رضوان بوجمعة