juin 20, 2019
11 mins read

التلغيم الهوياتي ومشاكل القايد

مقالي الممنوع من النشر غدا بيومية الحياة .. الرقيب قرّر ذلك !!

التلغيم الهوياتي ومشاكل القايد.

الحوار الذي يدعو إليه مجددا الفريق قايد صالح في (حديث الثلاثاء) الأخير، لا يعني الجزائريين الذين يخرجون إلى الشارع منذ 22 فيفري 2019، بل أولئك الذين زجّ بهم الفريق قايد في السجن، وبعض القابعين خارجه، ممن سارع بعضهم، على رأسهم أحمد أويحيى وعمارة بن بونس وغول وبوشارب، إلى مباركة الدعوة إلى الحوار وإعلان استعدادهم الانخراط فيه، وهذه عادتهم، أي التهليل والتطبيل لكلّ ترتيب لا يخسرون فيه مواقعهم وامتيازاتهم. هوية الذين تعاطوا إيجابا مع دعوة الفريق قايد للحوار، يٌفسدون على الرجل، و هذا من سوء حظه، كل محاولة لإقناع الجزائريين بجدية الحوار وصدقيته، أي أنه فعلا الطريق الوحيد للخروج من حالة الانسداد السياسي التي تدرك شهرها الرابع ونحن عشية الجمعة الـ 18 من ثورة الجزائريين السلمية البيضاء.

ثمة عدة مشاكل يواجهها الفريق قايد مع الشارع والطبقة السياسية ومع مطلب الحوار نفسه، ومع مكونات المجتمع الجزائري في تنوعه الهوياتي واللغوي، وهو يصّر على التمسك بالدستور وبالصندوق وبالحوار بوجوه يطالب الشارع برحيلها كبداية للخروج من عنق الزجاجة.

مشكلة الفريق قايد الأولى مع ملايين الجزائريين الذين يخرجون إلى الشارع، أنه يقترح عليهم حوارا لا يَدَعْ لهم فيه فرصة للاختيار ، أي أنه يقترح حوارا معلّبا ، تماما كما المأكولات أو الألبسة الجاهزة للاستهلاك والاستخدام الفوري والمباشر، دون مشاركة حقيقية في صنعها، وهنا يغدو الحوار بالشكل الذي يقترحه الفريق قايد على الجزائريين، كما طبخة يوضَع فيها تابلا لا علاقة له بطبيعة الطبخة نفسها، والتابل في طبخة الفريق قايد هو عبد القادر بن صالح، والأخير في نظر كل الحركيين يسّمم الطبق لا يفسده فقط، ومع ذلك يتمسك القايد به ويدعو إلى الحوار معه، مع أن الأخير أثبت في ثلاث تجارب سابقة عجزه عن تجميع بضع (أرانب) حوله!!

مشكلة الفريق قايد الثانية وهو يتمسك مجددا بالحوار، هي الطبقة السياسية نفسها، التي يجب التذكير، أنها لم تتوقف عن بحث الحلول والمخارج الممكنة للأزمة السياسية منذ ثاني جمعة من حراك 22 فيفري، و ما تزال لحد الساعة تجتمع وتطرح البدائل، لكنها تجد نفسها تماما كما القايد، عاجزة عن إقناع الجزائريين الذين يخرجون إلى الشارع كل جمعة، بجدواها، وهي في نظر قطاع واسع من الجزائريين، طرف في الأزمة، و طرف في الخراب الذي أفسد عيش المواطنين، وأنها كما القايد، مطالبة بالرحيل وبالصمت كذلك. مشكلة الفريق قايد مع الطبقة السياسية، أن الأخيرة غير متجانسة في مواقفها تجاه الحوار، بعضها يرحّب بحوار مع القايد دون بن صالح، حركة (حمس) كمثال، وبعضها الآخر يرفض مطلقا تدخل الجيش في الحياة السياسية ويرى أن الأخير، كان طرفا في الفساد والإفساد الذي خرّب البلد طيلة العشرين سنة الماضية، (الأرسيدي والأفافاس) تحديدا، هذه معضلة، وهذا انسداد، فمن يتحاور مع من؟

مشكلة الفريق قايد الثالثة، وأعتقدها الأهم، من باب أنها تفسد الآن تحديدا، في مثل هذا الظرف السياسي المتسم بالتأزيم والخطورة، كل مساع للحلحلة أو التوافق، هي مع الكّم الهائل من التلغيم الهوياتي والأيديولوجي المتحلّق حول الجزائريين أو القابع تحت أقدامهم، برز ذلك في عجز اجتماع فعاليات المجتمع المدني قبل ثلاثة أيام فقط عن إصدار بيان ختامي يتفق على مضمونه الجميع، أو على الأقل يتقاطعون كحد أدنى، في بعض بنوده، لا شيء من هذا حصل! وتلك مشكلة كبيرة، مظاهر هذا التلغيم امتدت إلى المواد التي امتحن فيها أبناؤنا في الباكالوريا، مادة اللغة العربية تحديدا، وكيف فتح نصا للفضيل الورثيلاني، ولسنا ندري إن كان وضع عمدا أو عن حسن نية، باب الجدل الهوياتي واسعا على مصرعيه، تبادل حوله الجزائريون الشتم والتخوين بدل النقاش الهادئ والعقلاني.

نحن أمام مآزق سياسية وهوياتية عميقة، وشروخ اجتماعية موغلة، يتّضح معها جلّيا أن البدء بمكافحة الفساد واعتقال المفسدين وجرّ أذرعهم إلى العدالة، لا تكفي وحدها، وأن المطلوب البدء سريعا في الترتيب للعميلة السياسية التي ستعلن القطيعة مع كل أساليب الأمس، وتؤسس لجزائر جديدة قائمة على مشروع مجتمع يفكّك ألغام الهوية أولا ويمنح لكل جزائري مساحة (الأنا) في هذا الوطن لا ينازعه إياها أحد!!

للتواصل مع الكاتبة: bourouinafat@gmail.com

Laisser un commentaire

Your email address will not be published.

Article précédent

البناء بالطين.. شباب الجزائر يستلهمون تراث الأجداد لبناء مستدام صديق للبيئة

Article suivant

Chaines télé: Journalistes ou « Soldats » au service du plus fort?

Latest from Blog

منظمة حقوقية تدين سجن ناشطة في الجزائر بتهمة الإرهاب بسبب أغنية

أعربت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان عن استيائها لإقدام السلطات الأمنية في الجزائر على اعتقال الناشطة الجزائرية جميلة بن طويس وما تعرضت له من تهم رأت المنظمة أنها « كيدية » من قبل السلطات على خلفية ممارستها لحقها في

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا

« اليمين التكنلوجي »…كيف أصبح « وادي السيليكون » متطرفًا .تحليل موقع « ميديا بارت » الاستقصائي الفرنسي عبر صفحة الكاتب والصحافي خالد حسن: مدير تحرير صحيفة الأمة الإلكترونية إيلون موسك وبيتر ثيل، على رأسهم، يجمع اليمين التكنولوجي

BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION

ANCIEN OFFICIER MILITAIRE ALGÉRIEN, BENHALIMA M. AZZOUZ, TORTURÉ EN DÉTENTION, ALKARAMA APPEL URGENT AU RAPPORTEUR SPÉCIAL DE L’ONU SUR LA TORTURE Source : https://www.alkarama.org/en/articles/former-algerian-military-officer-benhalima-m-azzouz-tortured-detention-alkarama-urgently Le 12 mars 2024, Alkarama s’est adressée en
Aller àTop

Don't Miss

عاجل: وفاة الفريق أحمد قايد صالح بسكتة قلبية

أفادت مصادر مطلعة  اليوم الإثنين، أن الفريق أحمد قايد صالح نائب

النظام .. صورة من خطاب.

Nadjib Belhimer وقفوا جميعا يصفقون بحرارة لقراره بسحب صفة الفخامة