الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد
(غير المعتمدة من قبل النظام)
بيــــــــــــــــــــــان
.عن المتابعات القضائية الجارية حاليا
لقد بادرت السلطة الحاكمة في الأونة الأخيرة في إحالة عدد كبير من رجال المال و الأعمال على المحاكم بتهم تتعلق بالفساد و هذا بناء على دعوة صريحة من رئيس أركان الجيش الجزائري الذي لا يحق له التدخل في مثل هذه القضايا بالنظر إلى منصبه ووظيفته الحالية لأنه في دولة الحق و القانون, لا يحق لأعضاء السلطة التنفيذية التدخل في أعمال القضاء بإعطاء توجيهات و تقديم تعليمات للقضاة عملا بمبدئي الفصل بين السلطات و استقلال القضاء.
إنّ « الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد » ترى أنّ فتح ملفات الفساد في هذه الفترة الحرجة و هذه المتابعات المتلاحقة لا تعكس حقيقة صحوة ضمير و لا إرادة صادقة لمحاربة الفساد و إنما تهدف فقط لامتصاص الغضب الشعبي العارم و التفاف على المطالب الحراك الشعبي الذي عبر عنه ابتداء في 22 فبراير 2019 من خلال المظاهرات الضخمة و المسيرات الشعبية التي عمت كل ربوع الوطن.
إنّ « الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد » ترى أنه لا يقبل أن تكون محاربة الفساد سياسة انتقائية أو إنتقامية أو تصفية حسابات من قبل العصابة الحاكمة ضد العصب الأخرى التي فقدت مراكز القوة بل يجب معالجة قضايا الفساد من خلال إقرار إستراتيجية متكاملة لمحاربة الفساد، و سياسة موضوعية في معالجة قضايا الفساد و تقديم كل المتورطين فيها إلى القضاء مهما كان موقعهم في هرم السلطة و العمل على استرجاع الأموال المنهوبة و المسروقة وفقا للقانون واسترداد ثروات الشعب المنهوبة بالداخل والخارج.
و عليه، فإنّ »الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد » تعتقد أنّ النظام القائم حاليا غير مؤهل لمحاربة الفساد بالنظر إلى الأسباب و المبررات التالية:
1°)- لا يمكن محاربة الفساد إلاّ بعد سقوط النظام الإستبدادي و الفاسد نهائيا و إقامة بدلا عنه نظام حكم سياسي جديد يقوم على مبادئ السيادة الشعبية، التعددية السياسية، التداول السلمي على السلطة، الفصل و التوازن بين السلطات، استقلال القضاء، سيادة القانون، الحكم الراشد و المساءلة و المحاسبة.
2°)- لا يمكن محاربة الفساد إلاّ بعد رسم مسار إصلاح جذري شامل وعادل لمؤسسات الدولة، يرتكز على تطهير المؤسسات و تنظيف الهيئات القائمة من عناصر النظام البائد في أولوية لضمان تفعيل مسار التغيير و تحقيق مكتسباته، وإعادة بناء هذه المؤسسات على أسس سليمة بمشاركة من الجميع، وفتح الوظائف للكفاءات ومنع التمييز والإقصاء بكل أشكالهما و دعم الشرفاء والكفاءات والخبرات من أبناء المؤسسات القائمة.
3°)- لا يمكن محاربة الفساد إلاّ بعد تطهير جهاز القضاء من القضاة الفاسدين و القضاة غير المؤهلين الذين التحقوا بسلك القضاء بالمحاباة أو بالرشوة فمن كان فاسدا لا يؤتمن على محاربة الفساد.
4°)- لا يمكن محاربة الفساد في ظل قانون الفساد الحالي و مجموع المنظومة القانونية السارية المفعول من حيث أنّها تشجع و تخدم الفاسدين و بالمقابل نطالب بإحالة المفسدين على القضاء بعد إقرار قانون جديد لمكافحة الفساد يقره برلمان الشعب الجزائري المنبثق عن انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، قانون يكون أكثر صرامة في التعامل مع المفسدين و أكثر شدة من حيث العقوبات المسلطة مع إلغاء مبدأ التقادم على جميع جرائم الفساد.
5°)- لا يمكن محاربة الفساد إلاّ بتقديم كل الأشخاص المتورطين حقيقة في جرائم الفساد وكذا كل المسؤولين الكبار منهم و الصغار بدءا من أركان النظام و رموزه المتورطين الحقيقيين في كل جرائم الفساد(الرئيس المخلوع وأفراد عائلته، الجنرالات، الوزراء، الإطارات العليا في الدولة، الولاة، السفراء، مدراء المؤسسات العمومية، أعضاء البرلمان و المجالس الشعبية المزورة و رؤساء البلديات و كذا رجال المال و الأعمال المرتبطين عضويا بالأوليغارشية العسكرية الحاكمة حاليا… إلى أخر القائمة).
6°)- لا يمكن محاربة الفساد بأن يقتصر الأمر من المتابعات القضائية على معاقبة الفاسدين الذين ارتكبوا جرائم فساد و نهبوا المال العام و استولوا على الممتلكات العمومية بل يجب أن ينصب بالأساس على استرداد الأموال المنهوبة في الداخل و الممتلكات المهربة إلى الخارج.
في انتظار أن ينتصر الشعب على النظام القائم بإرساء مرحلة انتقالية يسيرها من يمثله مرورا بانتخاب جمعية تأسيسية تتولى صياغة دستور جديد للدولة الجزائرية و إقامة عدالة انتقالية، تطالب الجمعية اتخاذ تدابير احترازية وإجراءات تحفظية ضد كل من ثبتت عليه شبهة فساد ثم إحالتهم على القضاء بعد استقرار الأمور و تحقيق مطالب الشعب و الشروط المذكورة أعلاه.
كما تطالب من جهة أخرى من جميع المواطنين الراغبين في محاربة الفساد أن يحتفظوا بما لديهم من ملفات و أن يوثقوا ما حصلوا عليه من معلومات، و أن لا ينشروا أي ملف الآن حتى لا تقوم العصابات بإتلاف الملفات و طمس الأدلة و أن لا يسلموا الملفات لأية جهة مهما كانت حتى تحقيق النصر الكامل للشعب الجزائري على هذه العصابات التي عاثت في أرض الجزائر فسادا، و ما دون ذلك ستكون هذه القضايا المعروضة على المحاكم في حقيقة الأمر سوى ذر للرماد في العيون و مسرحيات هزلية سيئة الإخراج لإلهاء الرأي العام.
الجزائر في 24 أبريل 2019